يختلف أمد حياة الأسود
باختلاف جنسها، فاللبوات التي تعيش في مناطق محميّة آمنة مثل منتزه كروغر الوطني قد
تصل لما بين 12 و14 عاما، بحال تخطّت مخاطر ومشقات حياة الأشبال، بينما لا تتخطى الذكور
8 سنوات من حياتها إلا فيما ندر. إلا أن هناك وثائق تظهر أن بعض اللبوات عاشت حتى سن
20 عام في البرية. تسكن الأسود السفانا والأراضي العشبيّة عادة، إلا أنها قد تتواجد
في أراضي الأشجار القمئية والغابات في بعض الأحيان. تعتبر الأسود حيوانات اجتماعية
بشكل كبير مقارنة بباقي أعضاء فصيلة السنوريات، وتُسمّى المجموعة العائلية للأسود
"زمرة" باللغة العربية، وهي تتألف من إناث مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة
(أخوات، أمهات، خالات، جدّات...)، عدد من الصغار، وبضعة ذكور بالغة. تصطاد مجموعة الإناث
مع بعضها في الغالب، حيث تفترس إجمالا الحافريات الكبرى، إلا أنها قد تلجأ للتقميم
إن سنحت لها الفرصة. يُعدّ الأسد مفترسا فوقيّا أو رئيسيّا (لا يفترسه أي كائن حي آخر)،.
على الرغم من أن الأسود لا تعتبر الإنسان طريدة طبيعية لها وغالبا ما تتجنبه، إلا أنه
يُعرف عن البعض منها أنه أصبح آكلا للبشر في حالات محددة.
تصنّف الأسود على
أنها من الأنواع المهددة بالانقراض بدرجة دنيا، حيث ارتفعت حدّة تراجع أعدادها من
30 إلى 50% في إفريقيا خلال العقدين الماضيين؛ ويعتبر أمل الجمهرات الباقية خارج المحميات والمنتزهات
القومية ضعيف للغاية. وعلى الرغم من أن سبب التراجع هذا ليس مفهوما كثيرا، إلا أن فقدان
المسكن والنزاع مع البشر يعتبران أكثر الأسباب إثارة للقلق. كان يُحتفظ بالأسود في
معارض الوحوش منذ أيام الإمبراطورية الرومانية، كما كانت ابتداءً من أواخر القرن الثامن
عشر، ولا تزال، من الأنواع الرئيسيّة التي يسعى الناس إلى عرضها في حدائق الحيوان عبر
العالم. تتعاون الكثير من حدائق الحيوانات حول العالم حاليّا لإكثار الأسود الآسيوية
المهددة بالانقراض عبر إخضاعها لبرنامج تزاوج مكثّف.
يمكن تمييز ذكر الأسد
عن الأنثى بسهولة فائقة عن طريق النظر، فالأول يمتلك لبدة (شعر حول العنق) بينما لا
لبدة للبؤة. يُعتبر رأس الأسد الذكر أحد أكثر الرموز الحيوانية انتشارا في الحضارة
الإنسانية، حيث ظهر في العديد من المؤلفات الأدبية، المنحوتات، الرسومات، الأعلام،
وفي الأدب والأفلام المعاصرة. وفي بعض الأحيان تستخدم صورة الذكر حتى ولو كان المراد
بالأصل إظهار الأنثى، لأن لبدة الذكر المميزة تفرّق بين هذا النوع من السنوريات وغيره
من الكبيرة منها.
إلا أنه تمّ إظهار
اللبوة أيضا ووصفها في أوائل الكتابات والرسومات البشرية، حيث اعتبرت أنها بسالة الصيد
بحد ذاتها، وصوّرت في أحيان على أنها أم محاربة جمعت بين صفات الحنان على أشبالها والمقدرة
على الإطاحة بعدو يفوقها حجما. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، حيث تتعاون مع بعضها
بأسلوب دقيق ومعقّد للإمساك بفريستها. تطوّر كل لبوة مهارات صيد محددة لتعلب بها دورها
المعين بتقنية الصيد التي تلجأ إليها زمرتها، وعادة ما تلعب الدور نفسه خلال معظم عمليات
الصيد. برز وصف اللبوات وهي تصطاد في مجموعة واحدة منذ آلاف السنين، حيث يرجع أقدم
هذه الأوصاف إلى رسومات ومنحوتات عُثر عليها في كهفيّ لاسو وشوفيه في فرنسا، والتي
يعود تاريخها لأواخر العصر الحجري.
وقد لاحظ البشر اللاحقين
هذه العادات والصفات في اللبؤات، فصوّرت حضاراتهم التي وجدت في نفس المناطق التي قطنتها
الأسود أكثر آلهتهم الحربيّة شراسة، بالإضافة لمحاربيهم، على صورة اللبوة، حيث كانوا
يلقبون حكّامهم الذكور "بابن اللبوة". ومن الأمثلة المستمدة من أقدم التسجيلات
المكتوبة الآلهة المصرية سخمت، باخت، تفنوت، ومسخنت، وقد عبد النوبيين القدماء اباداماك
الرجل برأس أو وجه الاسد. ويُحتمل بأنه كان هناك آلهة مماثلة لها جميعها في ليبيا.
وتُعد بعض الآلهة المصرية الأخرى معقدة للغاية، حيث تتخذ مظاهر متنوعة، كامرأة برأس
لبؤة أو لبوة تتخذ أوضاع معينة.
توصف العديد من السنوريات
الكبيرة التي تظهر في المنحوتات والرسومات القديمة على أنها نمور، إلا أنه عند التدقيق
في تلك الصور يظهر أنها لبوات بحال كانت تمتلك خصلة من الشعر على ذيلها. فهذه الخصلة
مميزة للأسود من بين السنوريات الكبرى جميعها، وعندما يمتلك السنور في الصورة هذه الخصلة
ولا يمتلك لبدة فإن هذا يدل على أنها لبوة بالتأكيد على الرغم مما يقول به المحللين
المعاصرين. كما أن وجود رقط على جسد تلك السنوريات في الرسوم لا يؤكد أنها نمور، إذ
أن الأشبال تمتلك رقطا ورديّة الشكل أيضا، لذلك فإنه عند محاولة تحديد نوع السنور الممثل
في الصور أو المنحوتات يجب دوما التأكد من الذيل فإن كان هناك خصلة شعر على أخره ولم
يمتلك الحيوان لبدة نكون بصدد لبوة، وإن لم توجد هذه الخصلة فإنه يكون نمرا.
أصل التسمية
في العربية الأسد
وجمعه أسود وأسد وآسد وآساد والأنثى أسدة ويقال لبؤة ولبوة. وللأسد العديد من الأسماء
في اللغة العربية -قال ابن خالويه: للأسد خمسمائة
اسم وصفة- وزاد عليه علي بن قاسم بن جعفر اللغوي مائة وثلاثين اسماً فمن أشهرها: أسامة
والبيهس والنآج والجخدب والحارث وحيدرة والدواس والرئبال وزفر والسبع والصعب والضرغام
والضيغم والغضنفر والقسورة وكهمس والليث ، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. ومن كناه
أبو الأبطال وأبو حمص وأبو الأخياف وأبو الزعفران وأبو شبل وأبو العباس وأبو الحارث.
ويأتي اسم سبع من السّباع الذي يعني صاحب القوة.
يُشتق اسم الأسد في معظم اللغات الأوروبية من اسمه
اللاتيني "ليو - leo"؛ و"ليون- λέων، الإغريقي ويُحتمل أيضا أن
يكون لأسماء الأسد الأوروبية جذور شرقية من كلمة "لافي، לָבִיא" العبريّة
تصنيف النوع وتطوّره
إن أقدم المستحاثات
لحيوان شبيه بالأسد تمّ العثور عليها في موقع ليتولي بتنزانيا ويُقدّر عمرها بحوالي
3.5 مليون سنة؛ وقد قال البعض من العلماء أن هذا الأحفور يعود لأسد حقيقي وليس لسلف
له. إلا أن تلك المستحاثات ليست محفوظة بصورة جيدة وما يمكن قوله بهذه الحالة أنها
تعود لسنوّر شبيه بالأسود. أما أقدم الأحافير الموثقة والمؤكد أنها تعود لأسد في إفريقيا
فيقدّر عمرها بمليونيّ سنة أقل من السابقة. إن أقرب السنوريات إلى الأسد هم الأنواع
الثلاثة الأخرى من السنوريات الكبرى المنتمية لجنس النمر: الببر، اليغور، والنمر. أظهرت
الدراسات الجينية والتشكيلة أن الببر كان أول من انفصل عن السلف المشترك لهذه السنوريات
الأربعة، ومنذ 1.9 مليون سنة انفصل اليغور عن المجموعة المتبقية، والتي احتوت على أسلاف
الأسد والنمر المعاصرين. ومن ثم انشق كل من النمر والأسد عن بعضهما منذ حوالي مليون
إلى 1.25 مليون سنة.
تطوّرت الأسود الحالية
في إفريقيا خلال الفترة الممتدة بين مليون و800,000 سنة قبل أن تنتشر عبر الإقليم القطبي
الشامل (المنطقة التي تشمل معظم آسيا عدا الجنوب الشرقي من القارة والهند، بالإضافة
أوروبا وأقصى شمال إفريقيا، وأميركا الشمالية). ظهر الأسد في أوروبا لأول مرة منذ
700,000 سنة في منطقة إسرنيا في إيطاليا، وتعرف هذه السلالة البائدة من الأسود باسم
الأسد الأحفوري. ومن هذه السلالة تحدّر أسد الكهوف اللاحق الذي ظهر منذ حوالي
300,000 سنة. وخلال أوائل العصر الحديث الأقرب انتشرت الأسود عبر أميركا الشمالية والجنوبية
حيث تطوّرت إلى الأسد الأميركي . انقرضت الأسود من شمالي أوراسيا وأميركا عند نهاية
العصر الجليدي الأخير، منذ حوالي 10,000 سنة؛ ويُرجّح أن اختفائها حصل بعد أن انقراض حيوانات البليستوسين
الضخمة التي كانت تعتمد عليها في غذائها.
السلالات
كان العلماء يصنفون
12 سلالة معاصرة للأسود، أكبرها الأسد البربري الذي قطن شمال إفريقيا. وأهم الاختلافات
التي يمكن عن طريقها تمييز سلالة عن أخرى هي الموطن، شكل اللبدة، الحجم، وكثافة انتشارها.
إلا أن سهولة تمييز هذه السلالات بهذه الطريقة، التي أبرزت عدد كبير منها وأظهرت عند
اللجوء إليها اختلافات بين أفراد من نفس السلالة، جعلتها مثيرة للجدل وخاطئة على الأرجح؛
كما أنها كانت مبنيّة على ملاحظات لأسود أسيرة في حدائق الحيوانات من أصل غير معروف
يعترف العلماء اليوم
بثماني سلالات معاصرة للأسد:
السلالة الآسيوية
، تُعرف بالأسد الآسيوي، الأسد الفارسي، الأسد الهندي، أو أسد جنوب آسيا. انتشرت هذه
السلالة في الماضي عبر العديد من أنحاء آسيا من تركيا، عبر بلاد الشام وبلاد ما بين
النهرين، شبه الجزيرة العربية، وصولا إلى باكستان، الهند، وحتى بنغلاديش. إلا أنها
انقرضت من جميع هذه المناطق شيئا فشيئا بسبب عيشها في زمر كبيرة ونشاطها النهاري، الأمر
الذي جعل من صيدها يسير أكثر من صيد النمور والببور. يعيش اليوم قرابة 300 أسد منها
بالقرب من غابة غير في الهند، وهناك مشروع
لإعادة إدخالها إلى محميّة أخرى في نفس البلد.
السلالة البربرية
، تُعرف بالأسد البربري أو أسد الأطلس، وهي منقرضة في البرية بسبب الصيد المكثّف الذي
تعرضت له، إلا أنه يُحتمل وجود أفراد متبقية منها في الأسر. كانت هذه السلالة إحدى
أكبر سلالات الأسد إن لم تكن أكبرها، حيث وردت تقارير تفيد بوصول طول بعض الذكور إلى
ما بين 3 و3.5 أمتار ووزنها إلى أكثر من 200 كيلوغرام .امتد موطن هذه السلالة عبر شمال
إفريقيا من المغرب حتى مصر. قُتل آخر أسد بربري برّي عام 1922 في المغرب.
السلالة السنغالية
. تُعرف بالأسد السنغالي أو أسد إفريقيا الغربية، توجد في إفريقيا الغربية، من السنغال
حتى نيجيريا.
سلالة شمال شرق الكونغو
، تُعرف بأسد شمال شرق الكونغو، توجد في القسم الشمالي الشرقي من الكونغو.
السلالة النوبية
، تُعرف بأسد إفريقيا الشرقية أو أسد الماساي، توجد في إفريقيا الشرقية من الحبشة وكينيا،
وصولا إلى تنزانيا وموزامبيق.
سلالة كاتنغا ، تُعرف
بأسد جنوب غرب إفريقيا أو أسد كاتنغا، توجد في جنوب غرب إفريقيا، ناميبيا، بوتسوانا،
أنغولا، كاتنغا (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، زامبيا، وزيمبابوي.
سلالة كروغر ، تُعرف
بأسد جنوب شرق إفريقيا أو أسد الترانسفال، توجد في منطقة الترانسفال في جنوب شرق إفريقيا،
بما فيها منتزه كروغر الوطني.
سلالة رأس الرجاء
الصالح ، تُعرف بأسد رأس الرجاء الصالح، انقرضت في البرية قرابة العام 1860. أظهرت
الدراسات الوراثيّة مؤخرا أن هذه الأسود قد لا تكون سلالة مستقلة، ويمكن القول بأنها،
على الأرجح، أقصى جمهرات سلالة كروغر قطنا للجنوب.
التهجين مع السنوريات الكبيرة
يُعرف بأن تهجين
الأسود كان يتم منذ فترةٍ طويلة مع أنواع أخرى من السنوريات الكبيرة، وخاصةً الببور،
في حدائق الحيوان الخاصة والعموميّة إلا أن هذا الأمر لم يعد مشجعاً اليوم من أجل الحفاظ
على السلالات النقيّة، ولكن لايزال بعض أصحاب حدائق الحيوان في الصين يقومون بهذا الأمر.
تتناسل الأسود في العادة مع الببور في الأسر لتنتج الأسود الببريّة، والببور الأسديّة.
كما تم تناسل الأسود مع النمور في الأسر لإنتاج الأسود النمريّة، وهناك أيضا هجناء
لأسود مع سنوريات هجينة بنفسها، فقد تم تهجين أسد ذكر في أحد الأحيان مع لبوة ببرية.
الوصف الخارجي
خلال أي نزاع مع
ضوار أو أسود أخرى، تجعل اللبدة الأسد يبدو أكبر حجما مما هو عليه في الواقع.
الأسد أطول السنوريات
جمعيها (عند الكتفين)، وثاني أثقل أعضاء الفصيلة بعد الببر. يمتلك الأسد فك وقوائم
قويّة، وأنياب يبلغ طول الواحد منها 8 سنتيمترات ، مما يمكنه من الإمساك بطرائد ضخمة
تفوقه حجماً. يتراوح لون الأسود من الأصفر اللامع إلى الضارب للصفار، المحمرّ، أو البني
المغري القاتم. يكون القسم السفلي من الجسد أبهت من العلوي إجمالا، كما وتكون خصلة
الشعر على الذيل سوداء. تولد الأشبال برقط بنية ورديّة على كامل جسدها، شبيهة برقط
النمر، وعلى الرغم من أن هذه الرقط تزول عند وصول الأسد بمرحلة لبلوغ، فإنها تحتفظ
بالبعض الباهت منها على قوائمها والقسم السفلي من جسدها، وبشكل خاص عند اللبوات. كان
المصريون القدماء يصوّرون آلهتهم ذات شكل اللبوة برقطة ورديّة واحدة على أكتافهم.
يتراوح وزن الأسود
البالغة عادةً بين 150 و250 كيلوغراما للذكور
وبين 120 و182 كجم للإناث. ويميل حجم الأسود إلى الاختلاف باختلاف البيئة أو المنطقة
التي تقطنها، الأمر الذي أدى إلى ظهور فروقات في أوزان الجمهرات المختلفة، فالأسود
في أفريقيا الجنوبية مثلا يفوق وزنها وزن نظيرتها في أفريقيا الشرقية بنسبة 5% إجمالا
.
أحد أبرز المظاهر
الخارجية التي يتشارك بها كل من الأسود واللبوات، هي خصلة الشعر التي تقع على آخر الذيل.
وفي بعض الأسود تخفي هذه الخصلة زائدة عظميّة قاسية، يبلغ طولها 55 ميلّيمتر تقريبا،
مشكلة من الأقسام الأخيرة من عظام الذيل الملحومة ببعضها. يُعد الأسد السنور الوحيد
الذي يمتلك خصلة من الشعر على ذيله، ولا يزال الهدف من وراء الخصلة والزائدة العظميّة
غير معروف حتى الآن، وتكون الخصلة معدومة عند الولادة لكنها تبدأ بالظهور عندما يبلغ
الشبل ½5 من الأشهر ومن ثم تصبح بارزة بشكل تام عندما يبلغ 7 شهور.
اللبدة
إن لبدة الأسد، الفريدة
بين السنوريات، تميّز هذا النوع عن أي فصيلة أو نوع آخر من الحيوانات. وهي تجعل صاحبها
يبدو أكبر حجما، مما يؤمن له عاملا باعثا للخوف في نفس من يواجهه؛ وهذا يساعد الأسد
خلال قتاله أو مواجهته لأسود أخرى، أو عند نزاعه مع المنافسة الرئيسية للأسود في إفريقيا
وهي الضباع المرقطة. يرتبط وجود اللبدة أو عدمه بالإضافة للونها وحجمها بعدة عوامل
هي: صحة العوامل الوراثية، النضوج الجنسي، المناخ، ونسبة إنتاج التستوستيرون؛ والقاعدة
هي أنه كلما كانت اللبدة أدكن وأكثف كلما كان الأسد بصحة جيدة. وفي عملية الانتقاء
الجنسي عند الأسود، تُفضّل اللبؤات الذكور ذوي اللبدات الدكنة الكثيفة على أولئك الذين
يمتلكون اللبدات الباهتة والخفيفة.
الأسود البيضاء
الأسد الأبيض ليس
بسلالة مستقلة، بل مجرّد شكل فريد ذو حالة وراثيّة تعرف بالبياض أو عدم اللون، مما
يجعل لون جلده باهتا بشكل كبير، أكثر من الببر الأبيض حتى؛ وتتشابه هذه الحالة مع حالة
الداكنيّة، التي تتولّد عنها النمور السوداء. ولا تعتبر الأسود البيضاء مهقاء، إذ أنها
تمتلك أصباغا لونيّة عاديّة في أعينها وجلدها، بينما الحيوان الأمهق لا يمتلك هذا مما
يؤدي لولادته بعيون وأنف ورديّ.
يعود السبب وراء
امتلاك هذه الحيوانات معطفا قشدي اللون إلى أنها تمتلك مورثة غالبة تدحر المورثة التي
تحمل اللون المصفر وتبرز بدلا منها. يُزعم أن الأسود البيضاء تُربى في بعض المخيمات
بجنوب إفريقيا كي تستخدم في عمليات الصيد المعلب (الصيد بداخل منطقة مسيجة لا يستطيع
الحيوان الهرب منها) حيث يدفع بعض الصيادين مبالغ طائلة مقابل احتفاظهم بتذكار صيد
فريد كرأس أو جلد أسد أبيض.
السلوك والخواص الأحيائية
تمضي الأسود معظم
وقتها وهي تستريح حيث تقضي حوالي 20 ساعة من النهار وهي خاملة. وعلى الرغم من أن هذه
الحيوانات قد تنشط في أي وقت من اليوم، إلا أن ذروة نشاطها تكون بعد الغسق، حيث تخصص
فترة لتختلط مع بعضها، تسوس نفسها، وتتغوّط. كما وتنشط لفترات متقطعة خلال الليل حتى
بزوغ الفجر، أي في الفترة التي غالبا ما تتجه فيها للصيد. تمضي الأسود قرابة ساعتين
في النهار وهي تمشي، وحوالي 50 دقيقة وهي تقتات.
التنظيم الاجتماعي
الأسود لواحم مفترسة
تُظهر شكلين من التنظيم الاجتماعي. فالبعض منها مقيم، يعيش في مجموعة عائلية تُسمى
زمرة، وتتألف الزمرة عادة من قرابة خمس أو ست لبوات مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة،
بالإضافة لأشبالها من كلا الجنسين، وذكرٍ واحدٍ أو ذكرين يطلق عليهما تعبير التحالف
الذكوري، والذين يتزاوجان مع جميع الإناث البالغة .يصل عدد الذكور في التحالف إلى اثنين
في أكثر الأحيان، إلا أنه قد يزداد حتى 4 ويقل مجددا مع مرور الوقت. تُطرد الأشبال
الذكور من زمرتها الأموميّة عندما تصل مرحلة البلوغ.
يُسمّى سلوك الأسود
الآخر الارتحال، حيث لا يستقر البعض منها في منطقة معينة، بل يستمر بالتنقل لمسافات
شاسعة، إما بمفرده أو بأزواج، بين الفترة والأخرى. تتبع الذكور العازبة ذات القربى
هذا السلوك إجمالا، والتي تكون قد طردت من زمرتها الأمومية؛ ويلاحظ أن الأسود قد تغيّر
من نمط حياتها فتتحول من مرتحلة إلى مقيمة وبالعكس. تمر جميع الذكور بهذه المرحلة،
والبعض منها قد لا يتخطاها بحال لم ينجح بالسيطرة على زمرة جديدة، أما الإناث فإن تحوّلها
لنمط الارتحال أصعب عليها من الذكور، فبحال طُردت أنثى من زمرتها فلن تستطيع الانضمام
لزمرة أخرى بسهولة، إذ أن جميع الزمر تتكون من إناث ذوات قربى ترفض معظم محاولات أي
أنثى أخرى من زمرة مختلفة بالانضمام إليها.
تبقى الذكور البالغة
التي سيطرت على مجموعة من الإناث على حدود الحوز معظم أوقاتها لتدافع عنه ضد الذكور
الأخرى، حيث تقوم بجولات واسعة يوميّة عبره وترش بولها على الأشجار والشجيرات لتترك
رائحتها كإنذار لأي ذكر دخيل بوجودها في المنطقة. لا يزال سبب تطوّر السلوك الاجتماعي
للبؤات—وتفردها به بين جميع أنواع السنوريات الأخرى—موضوع جدل كبير بين العلماء، ويظهر
بأن ازدياد نسبة نجاحها في الصيد هي العامل الأبرز والأوضح الذي جعلها تلجأ لأسلوب
العيش الجماعي، إلا أن هذا الأمر يصبح أقل من مؤكد عند دراستها عن قرب: فالصيد المنسّق
يزيد من نسبة نجاحها في الافتراس، ولكنه يضمن أيضا أن الأفراد التي لم تخرج للصيد لن
تستهلك نفس نسبة السعرات الحرارية للفرد كما ستفعل باقي الأسود، مما يعني أن الزمرة
لن تضطر للاصطياد مرة أخرى حتى بضعة أيام، ولكن البعض من تلك الأفراد قد يُترك لحراسة
الأشبال التي لولا ذلك تبقى بمفردها لفترة طويلة مما يعرضها لخطر الضواري الأخرى، أو
يلعب دورا في تربيتها.
تقوم اللبؤات بمعظم
الصيد للزمرة، كونها أصغر حجما، أسرع، وأكثر رشاقة من الذكور، ولا تعيقها اللبدة الكبيرة
الكثيفة الواضحة للعيان، والتي تسبب ارتفاعا في درجة حرارة الجسد أثناء المطاردة. تتصرف
الأسود كوحدة صيد منظمة كي تستطيع التسلل نحو طريدتها والإمساك بها بنجاح، وبحال كانت
الذكور بالجوار فإنها تسيطر على الفريسة فورا ما إن تمسك بها اللبوات وتستفرد بها،
ويُحتمل بأن تُشارك الذكور الأشبال في طعامها أكثر من الإناث، إلا أنها لا تشارك أي
منهما بحال كانت قد أمسكت بتلك الفريسة بمفردها. تقتات الأسود على الطرائد الأصغر حجما
في موقع قتلها، وبالتالي فإن الصيادات هي من يتشاركها فقط؛ أما إذا كانت الطريدة كبيرة
فإنها تقوم بجرّها إلى حوز الزمرة. تتشارك الأسود مع بعضها بشكل أكبر عند إمساكها بفريسة
كبيرة، على الرغم من أن أفراد الزمرة عندئذ يتصرفون بعدائية تجاه بعضهم البعض لأن كل
منهم يحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من الطعام.
الحمية والصيد
على الرغم من أن
اللبؤة تمتلك أسنانا حادة جدا، إلا أن الطريدة تُقتل عادة بواسطة الخنق.
الأسود حيوانات قويّة
تصطاد عادةً في مجموعة منظمة وتختار فريسة واحدة محددة. إلا أنه لا يُعرف عنها قدرتها
على وبالتالي فإنه وإن كانت اللبوات قادرة على الوصول إلى سرعة 59 كيلومتر في الساعة
فإنها لا تستطيع الحفاظ على هذه السرعة إلا لفترة قصيرة، لذا يجب أن تكون قريبة من
طريدتها بما فيه الكفاية قبل أن تهاجم. تستغل الأسود أي عامل من شأنه أن يقلل من احتمال
رؤيتها من قبل الطريدة؛ حيث تتم معظم عمليات الصيد بالقرب من مصدر جيّد للتخفي كالأعشاب
العالية أو التلال، أو أثناء الليل. تتسلل الأسود نحو ضحيتها حتى تصبح على مقربة
30 متر تقريبا ، وتقوم اللبؤات عادةً بإحاطة القطيع من عدة نواح، وما أن تقترب بما
فيه الكفاية حتى تنتقي أقرب أفراد القطيع إليها. يكون الهجوم سريعا وقصيرا؛ حيث تميل
إلى إمساك ضحيتها عبر اندفاع سريع نحوها ومن ثم القفز عليها من الخلف. تُقتل الطريدة
بواسطة الخنق، مما يسبب لها إقفارا دماغيا أو أزمة قلبية بسبب انقطاع الأكسجين عنها.
يمكن أن يقتل الأسد طريدته أيضا عن طريق إطباق فكيه على فمها (مما يسبب لها اختناقا
أيضا)، أما الطرائد الصغيرة فقد تُقتل بواسطة ضربة وحيدة من كف الأسد.
أظهرت إحصائيات مكثفة
جمّعت عن طريق عدد من الدراسات أن الأسود عادةً تقتات على الثدييات التي يتراوح وزنها
بين 190 و550 كيلوغراما . يتصدر النو قائمة طرائد الأسد المفضلة يليه حمار الزرد،وتُستبعد
عادة معظم أفراس النهر البالغة، وحيدة القرن، الفيلة، والغزلان الصغيرة الحجم، الإمبالا،
وغيرها من الظباء الرشيقة. إلا أن الزرافات والجواميس تعتبر من ضمن الطرائد المألوفة
في بعض المناطق
نادرا ما تفترس منافسها بعد قتله. تقمم الأسود أيضا
جيف الحيوانات التي ماتت لأسباب طبيعية أو قتلها مفترس أخر، وهي تبقى متنبهة للنسور
الحائمة في الجو، إذ أنها تفيد بوجود ميتة ما أو حيوان ينازع. تتخم الأسود أنفسها عند
الاقتيات حيث قد يأكل الواحد منها 30 كيلوغرام من اللحم في جلسة واحدة؛ وإن كان غير قادر على التهام
الطريدة بأكملها فسوف يستريح لبضعة ساعات قبل أن يعاود الأكل، وفي الأيام الحارّة قد
تلجأ الزمرة إلى الظلال لتهضم طعامها، وتترك ذكر واحد أو اثنين للحراسة. تحتاج اللبؤة
البالغة إلى 5 كيلوغرامات من اللحم يوميّا، بينما يحتاج الذكر إلى 7 كيلوغرامات
يزيد الصيد الجماعي
للبوات من نسبة احتمال إمساكها بطريدة، خصوصا وأنها تصطاد في المساحات المفتوحة مما
يمكن الطرائد من رؤيتها من على بعد شاسع؛ ويزيد أسلوب الصيد هذا أيضا من نسبة احتمال
إمساكها بإحدى الطرائد الضخمة. ويُمكن العمل الجماعي أيضا الأسود من الدفاع عن طريدتها
بشكل أفضل ضد الضواري الكبيرة الأخرى مثل الضباع التي تستدل بسهولة على موقع الاقتيات
عن طريق رؤية النسور الحائمة فوقه في السفانا المفتوحة. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة،
وفي صيد نمطيّ، تحتل كل لبوة موقع مفضّل لها بداخل المجموعة، فإمّا تتسلل نحو الطريدة
على "جناح" المجموعة ومن ثمّ تهاجمها، أو تتقدم لمسافة قصيرة في وسط المجموعة
ومن ثم تهاجم الفريسة الهاربة من اللبؤات الأخرى.
التناسل ودورة الحياة
تكون معظم اللبؤات
قد تناسلت وأنجبت قبل أن تبلغ أربع سنين من العمر، والأسود ليس لها موسم محدد للتزاوج،
فقد يتم هذا في أي وقت من السنة، وتُعد الإناث متعددة النزوة. قد تتزاوج الأنثى مع
أكثر من ذكر عندما تكون في دورتها النزوية؛ وخلال فترة التزاوج، التي قد تمتد لبضعة
أيام.
يبلغ متوسط فترة
الحمل حوالي 110 أيام، تضع بعدها الأنثى بطنا يتألف من شبل واحد إلى 4 في مخبأ معزول
بعيدا عن باقي الزمرة في العادة. تصطاد الأم خلال هذه الفترة التي تكون الصغار فيها
ضعيفة بمفردها، لكنها تبقى قريبة من الجحر الذي خبأتهم فيه. تولد الأشبال عمياء—ولا
تتفتح أعينها حتى بعد أسبوع من الولادة، ولا يكون لها أي حول أو قوّة، حيث تبدأ بالزحف
بعد يوم أو يومين من الولادة، ولا تمشي قبل أن تبلغ ثلاثة أسابيع. تنقل اللبوة أشبالها
إلى جحر جديد عدّة مرات في الشهر، حيث تحملها واحدا واحدا من مؤخرة عنقها، كي تمنع
إفاحة رائحتها في موقع واحد مما قد يؤدي إلى جذب انتباه الضواري التي قد تقتلها أو
تؤذيها.
لا تعود الأم للاختلاط
وأشبالها مع باقي الزمرة إلا حين تبلغ الأشبال ما بين 6 إلى 8 أسابيع، إلا أنه في بعض
الأحيان يتم تعريف الزمرة بالصغار في وقت أبكر، وخصوصا أن كانت إناثا أخرى قد أنجبت
في ذات الوقت تقريبا. فاللبؤات المنتمية لذات الزمرة تزامن دورتها التناسليّة مع بعضها
غالبا كي تتعاون على تربية وإرضاع الصغار وبالإضافة إلى أن تزامن الولادات يؤدي إلى
حمايتها بشكل أفضل، فإنها بهذا تكون جميعها بنفس الحجم وبالتالي تكون فرص بقائها متساوية.
وبحال أنجبت لبوة بطنا من الأشبال بعد بضعة شهور من لبوة أخرى، فإن الأشبال الكبيرة
تهيمن على تلك الصغيرة، كونها أكبر حجما منها، أثناء فترة الاقتيات—وكنتيجة لهذا، فإن
الموت جوعا يعدّ سببا مألوفا بين الأشبال الصغيرة أكثر من أشقاؤها الأكبر سنا.
عندما يقوم ذكر أو
اثنين بخلع الذكر المسيطر أو تحالف الذكور، والسيطرة على الزمرة بدلا منه، فإنهما يسعيان
إلى قتل جميع الأشبال غير البالغة،] ولعلّ السبب وراء ذلك هو أن الإناث لا تصبح خصبة
ومتقبلة مجددا إلا حينما تنضج أشبالها أو تنفق. وبالإجمال، يموت حوالي 80% من صغار
الأسود قبل أن يبلغ السنتين من العمر.
تُفطم الأشبال بعد
حوالي 6 أو 7 شهور. تصل الذكور لمرحلة النضج الجنسي عندما تبلغ ثلاث سنوات من العمر،
وفي عامها الرابع أو الخامس تصبح قادرة على تحدي ذكر مسيطر والإطاحة به ومن ثم الحلول
مكانه في زعامة الزمرة. تبدأ الأسود بالهرم والضعف عندما تبلغ ما بين 10 و15 سنة على
الأكثر، هذا إذا لم تُصاب أي إصابة بالغة سابقة عندما كانت تحاول الدفاع عن زمرتها
.إن قصر أمد سيطرة الذكور على مجموعة خاصة بها يترك بالتالي مجالا ضيقا لذريتها كي
تصل لمرحلة النضوج قبل أن يُطاح بآبائها، لذلك فإن كانت قادرة على التناسل بعد سيطرتها
على الزمرة مباشرةً فإن هذا يعني أن المزيد من أشبالها سيصل سن البلوغ قبل أن يسيطر
ذكر جديد على المجموعة والذي قد يقوم بقتلها جميعا إذا كانت ما تزال غير ناضجة. تحاول
اللبوة غالبا الدفاع عن أشبالها بشراسة ضد الذكر المغتصب، لكن هذه المحاولات نادرا
ما تنجح، حيث يقتل الذكر جميع الأشبال البالغة أقل من سنتين. إن اللبؤة أصغر حجما وأخف
وزنا من الأسد، لذا فإن التعاون بين ثلاث أو أربع إناث من الزمرة قد ينجح في ردّ الذكر
عن الصغار أكثر من قيام لبوة وحيدة بهذا الأمر.
ليست الذكور وحدها
من يُطرد من الزمرة لتعيش حياة الارتحال عند بلوغها، على العكس مما يظنه العامّة، فعلى
الرغم من أن معظم الإناث تبقى في الزمرة التي ولدت فيها، فإنه حينما تكبر الزمرة كثيرا
يُطرد الجيل الثاني من اللبؤات وتُرغم على تأسيس حوز خاص بها. بالإضافة لذلك، عندما
يسيطر ذكر جديد على الزمرة يقوم بطرد جميع الأسود المراهقة بما فيها الذكور والإناث
في بعض الأحيان
التواصل
يُعد فرك الرأس واللعق
أكثر السلوكيات الاجتماعية الشائعة بداخل زمرة الأسود.
تمتلك الأسود معرضا
واسعا من التعابير الوجهيّة والأوضاع الجسديّة التي تستخدمها للتواصل البصري. كما أن
قائمة تعابيرها الصوتيّة كبيرة أيضا؛ فالاختلاف في حدّتها ودرجتها، عوضا عن إصدار إشارات
مختلفة منها، يبدو أساسيّا للتواصل. تشمل قائمة أصوات الأسد: الزمجرة، الخرخرة، الفحيح،
السعال، المواء، النفخ، والزئير. تميل الأسود لأن تزأر بطريقة مميزة للغاية، حيث تبدأ
ببعض الزئير العميق الطويل الذي يليه سلسلة أقصر منه. تزأر الأسود في الليل غالبا؛
حيث ينتقل الصوت عندها على مسافة 8 كم ويُستخدم للإعلان عن وجود الحيوان في الموقع
الذي يقبع فيه أي ضمن نطاق حوزه، وبتعبير أخر فهو يعتبر كإنذار للأسود والضواري الأخرى.
يعتبر زئير الأسد الأعلى درجة بين جميع أنواع السنوريات الكبرى الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق