“فيروس التطوع ” كان ذلك عنوان أحد الحلقات التي قدمها المبدع ” أحمد الشقيرى ” في الموسم الأخير من برنامج ” خواطر ” هذا العام والتي عرض خلالها نماذج شبابية مساهمة في مجال العمل التطوعي في بعض الدول العربية والأجنبية .
حسب الإحصائيات فالولايات المتحدة الأمريكية الأولى في العالم من حيث عدد المتطوعين – ويبدو أن ذلك من أسرار تفوقهم – فيقدر عدد المتطوعين حسب إحصائية عام 2011م ( 64 مليون و252 ألف ) يقضون ما يقارب 5 ساعات في العمل الإجتماعى أسبوعياً! أغلبهم من فئة تتراوح بين ( 15- 28عاماً ) بنسبة تقدر بـ 70% من إجمالي العمل التطوعي ، تلي الولايات المتحدة في المركز الثاني “بريطانيا ” بـ22 مليون متطوع ثم أستراليا بـ 6 ونصف مليون!
بالنسبة إلينا في العالم العربي فللأسف لا تساهم مجتمعاتنا العربية بالدور الكافي بالنسبة لبرامج العمل التطوعي 350 مليون مواطن عربي لا يقدمون حتى نصف عدد المتطوعين في بريطانيا لكن يبقى الأمل في المتطوعين أن ينشروا بمزيد من الإحسان تلك الثقافة في مجتمعاتهم وأن يقدموا النماذج الإيجابية الرائعة عن المساهمة فى العمل التطوعى.
خلال هذه المقالة نُقدم لكم دليلاً إلى لعمل التطوعي والذى يجب على كل مشارك أن يدرك تفاصيلها جيداً قبل أن يبدأ خوض غمار ذلك العمل؛ ونتمنى أن تكون مفيدة لكم
أولاً :- أقرأ عن علم التطوع :-
قبل أن تشارك مع المنظمات والمؤسسات التطوعية عليك في البداية أن تقرأ عن العمل التطوعي أن تعرف ما هى إيجابياته التي ستعود عليك وعلى المجتمع نتيجة لتلك الجهود فالعمل الخيري أيضاً له مداخله وأفكاره واستراتيجياته للتطوير، أنصحك بالبحث عن الكتب التي تتناول موضوعات العمل التطوعي أو أن تشارك في منتديات مثل “عالم التطوع العربي” والتي ستمنحك فرصة للتعرف على هذا العالم الرائع .
ثانياً :- كن مبدعاً ، واصنع الفكرة :-
قديماً قال صادق الرافعي ” إن لم تزد شيئاً على الدنيا ، فأنت عليها زائد ” كذلك الحال بالنسبة للعمل التطوعي عليك أن تضيف إليه من مهاراتك وأفكارك وخبراتك ، من الجيد أن تشارك في مشاريع حفر الآبار في أفريقيا لكن ما رأيك بمشروع لتنقية المياه الملوثة ؟ من الرائع أن تساهم في بناء المدارس العلم من ضروريات الحياة أيضاً لكن ماذا لو قررت أن تؤسس برنامج عالميا هدفه أن يقوم بطباعة المناهج التعليمية لطلبة هذه المدارس وأن تكون الجهة التي تنشر الكتب الدراسية في تلك البلاد؟ أظنها أفكار رائعة أيضاً أليس كذلك! باختصار عليك أن تضع بصمتك في هذا المجال وألا تكتفي فقط بمجرد المشاركة .
ثالثاً :- الريادة ، لكن من نوع خاص :-
المتطوع يدرك أن قيمته الحقيقية تكمُن فيما يمنحه للناس بدون مقابل، يشعر بالمسئولية تجاه الآخرين، وهذا الولاء الخاص للبشرية يجعله يفكر دائماً عن كيفية تحسين حياة الناس للأفضل، أن يجعل من أفكاره وجهوده واقعاً ملموساً يُسعد الآخرين. متطوع مثل ” سلمان خان ” ترك وظيفته المثالية ليؤسس مشروعاً للدراسة عن بعد ” أكاديمية خان ” ، “عبد الرحمن السميط ” الكويتي الذي تخلى عن مجال الطب ليُقدم هيئة إغاثية للمشردين في أفريقيا وساهم خلال 25 عاماً في إنقاذ الملايين من الجوع والفقر والمرض، التطوع يجعلك ريادياً في خدمة الإنسانية.
رابعاً :- تدرب ، لتصنع الفارق :-
” لا تطوع بدون تدريب ” في أي مؤسسة تطوعية تشرف الإدارة بصفة مباشرة على تدريب جميع المنتسبين إليها على أنشطة وبرامج وفعاليات المؤسسة ، جمعية ” بنك الطعام ” كمثال تعطى دورات للمتطوع في ( كيفية تخزين المأكولات ، العادات الصحية في عمليات الطهي … الخ ) وهكذا كل مؤسسة حسب توجه أنشطتها. هذا هو دور المؤسسة التي قد تنتسب إليها ؛ لكن ماذا عن تدريبك الشخصي ؟
دورات مثل ( بناء فريق العمل ، قيادات العمل المؤسسي ، إدارة المشروعات ، إدارة الأزمات ، التخطيط الاستراتيجي ، الموارد البشرية … الخ ) قد تجعل منك أهم المتطوعين في أي مؤسسة إغاثية وإنسانية في العالم ، أصحبت حتى مؤهلاً لكي تتولى المناصب الإدارية في تلك المؤسسات و أن تقدم الأفضل للبشرية. ببساطة عليك أن تتعلم قواعد اللعبة ثم أن تقوم باللعب أفضل من الآخرين .
خامساً :- عليك أن تواجه ، القيود :-
يواجه العمل التطوعي العديد من العقبات والقيود الروتينية والمشاكل الإدارية ، الأمر الذي قد يعرض مشاريع تطوعية هامة للتوقف، وقد يجعل المؤسسات تخسر جهود أفرادها المتطوعين مع الوقت نتيجة فقدان الحماسة والثقة في إدارة العمل. بشكل عام فأي شبكة للعمل التطوعي على مستوى العالم تواجه 4 أنواع من العقبات ( التصريحات والأوراق الرسمية ، نقص الموارد البشرية ، التمويل الدائم ، الإدارة ذات الخبرات الضعيفة ) وبالتأكيد هناك العديد من الحلول التي تساعد على معالجة تلك المشاكل لكن تقف العملية بأكملها خلف مدى الاستعداد ،والرغبة في الحل، أنت على طريق العقبات فاستعد!
سادساً:- المدينة الفاضلة ، ليست هنا :-
” أنت تهدر الوقت ؛ لا فائدة مما تفعله ” تلك الجملة لم ولن يسمعها فقط رواد الأعمال أو أصحاب الأفكار الجديدة ، أخبرتك سابقاً أنك ريادي من نوع خاص . لذلك استعد أن تسمع تلك الجمل السخيفة ذات الترددات العالية من الإحباط ، يعتقد البعض أن المتطوع يُقدم حياته التطوعية على أهدافه الشخصية والعائلية وربما لن يُنجز أي أهداف في حياته الخاصة طالما أنه يوجه تفكيره وأمواله وجهوده نحو هذا الطريق .
أنت لست في المدينة الفاضلة ، تأكد أن الكثيرين قد يدفعوك لترك ذلك المجال بدعاوى زائفة لذلك عليك أن تكون مخلصاً لذلك الهدف الإنسانى النبيل . أنا هنا لا أشجعك على ترك وظيفتك أو إهمال حياتك العائلية لكن بصفتك متطوع فأنت تمتلك تلك الصفات التي يمتلكها العديد من المتطوعين وهى القدرة على إدارة الوقت وتنظيم الأولويات. أنا أدرك تماماً أنك قادر على إعطاء كل ذي حق حقه، فقط لا تلتفت لكلام الآخرين .
سابعاً :- النتائج تأتى لاحقاً :-
في الأعمال التطوعية لا تنتظر النتائج سريعاً . الأرض التي تُزرع اليوم بجهود المتطوعين في أفريقيا أو أسيا ستساهم في إطعام الآلاف بعد ذلك مستقبلاً . المدارس التي ساهمت في إنشائها أو تطوعت لتكون معلماً في فصولها الدراسية ربما قد تُخرج لهذا العالم الرائع عالما أو طبيباً أو مخترعاً يجعل من الحضارة الإنسانية مكاناً أفضل . أنت الآن تزرع وأجيال قادمة ستحصد وربما يكونون أحفادك .. فلا تتعجل النتائج .
ثامناً :- اصنع معروفاً واغرس فكرة :-
المتطوع يمتلك حياة أخرى في ( المنزل ، العائلة ، الشارع ، الحي والمدينة .. ) وكل هؤلاء يدخلون ضمن دائرة عملية التطوع الخاصة . عليك غرس تلك الأخلاق والقيم والأفكار الهادفة في عائلتك ، أصدقائك ، جيرانك . النهضة تأتى عبر المشاركة والعمل الجاد والتطوع هو المرحلة الأرقى لذلك .
في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية تطوع المعلمون لتقديم دروس للأطفال في الشوارع على الأرصفة . كان النساء يشاركن في علميات إعادة الأعمار وبناء الأمة اليابانية من جديد عبر صناعة الغزل والنسيج . لا يتقاضون أجراً! فقط متطوعون والنتائج الآن أمامكم خير دليل.
تاسعاً :- أنت القائد يوماً ما :-
لا تطمح أن تفرض نفوذك في العمل التطوعي، فقط ساهم وشارك وتأكد أنك ستصبح القائد يوماً ما . القيادة في العمل التطوعي ليست غالباً إلا تنسيق ودعم وتحفيز ليست سلطة أو منصب . لو كنت تطمح في القيادة لتؤسس مفهوما جديداً للعمل التطوعي عليك أن تبدأ مشروعك الريادي التطوعي فوراً .
عاشراً :- أنت مستعد الآن :-
لو اكتشفت خلال قراءتك للدليل أنك تمتلك على الأقل 3 مفاهيم تطوعية تمارسها بالفعل فأنت تمتلك روح المبادرة الفعالة الآن للمشاركة في الأعمال التطوعية . وأنصحك أن تبدأ فوراً بالانخراط في أي من المؤسسات والجمعيات . ولو كان العكس صحيحاً فأعتقد أن هذا الدليل مفيداً لك الآن لتبدأ مراحل الاستعداد ما قبل المشاركة .
أتمنى أن يكون الدليل أفادكم في بناء هويتكم التطوعية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق